الاثنين، 25 يونيو 2012

صناعة تنور الطین في كركوك حرفة يتناقلها الابناء عن الاجداد

كركوك- كيلان عرفان: تشتهر مدينة كركوك بمحافظتها على تراثها وموروثها الشعبي ،وذلك من خلال حرفها واسواقها وحتى ملابس ولغة  ابناء قومياتها المختلفة والمتكونة من الاكراد والعرب والتركمان والكلدواشور ،ومن هذه الموروثات المهمة والتي دأب اهالي كركوك على المحافظة عليها وعلى جودة صناعتها، تنور الطين المعد لصناعة الخبز.

ويعتبر تنور الطین حرفة عرفتھا كركوك منذ القدم، وتوجد عائلات كثیرة حتى الیوم مصدر معيشتهم ھذه الحرفة، وتصدر محافظة كركوك ھذا المنتوج المحلي الى مدن عراقیة كثیرة لجودة صناعتھا في المدینة،حيث يعد تنور الطین الھویة الممیزة للریف العراقي، والشيء الذي كان ومازال لا غنى عنه بالنسبة للعائلات التي تسكن الریف ،إذ اعتادت النساء ومنذ زمن طویل على استخدامة في صناعة الخبز وعلى الرغم من تطور الحياة ودخول انواعا مختلفة من التنانير مثل الغازي والكهربائي الا ان تنور الطين ظل محافظا على وجودة لاسيما في محافظة كركوك .
واكد فلاح حمه(47 سنة) احد صانعي تنور الطين في كركوك لـ"موقع فضائية كركوك" انه يمارس مهنة صنع تنور الطين منذ عشرين سنة ،قائلا "من كل المدن العراقية يأتون الى كركوك لشراء تنور طيني مميز لانها معروفة بجودة صناعتها ورخص اسعارها"
واوضح حمه" نحن نقوم بصناعة انواع واحجام مختلفة من التنانیر الطينية, فهناك الصغیر والوسط والكبیرة بحسب طلبات الزبائن" مشيرا الى" نصنع التنور من التراب الحر حيث نأتي به من منطقة لیلان التابعة لمحافظة كركوك ونخلطه مع التراب والملح والتبن ونتركه كي يتخمر وبعدھا نبدأ بصناعة التنانیر"
وتابع"الى جانب صناعة التنور الطيني فنحن نصنع المنقلة الطینیة الخاصة  بالشاي والشواء "
وبحسب المصادر التاریخیة فأن التنور الطیني في العراق یعود استخدامه الى الحضارة السومریة والبابلیة، قبل أكثر من 2000 عام ق.م، وفي كركوك یوجد التراب الخاص لصناعة التنور في منطقة لیلان وتحدیدآ في منطقة قزان بولاغ ومن الجدير بالذكر ان تراب مدينة كركوك مميز في هذه الصناعة كون ان نوعیة التراب تحوي على مادة نفطية وعند استخدامها  في صنع التنور لا یتأثر بقوة لهب النار فضلا عن انه لايكسر ولا یستھلك بسرعة .
من جانبه قال المواطن  جلال شید خالة بازیاني(52سنة) والذي كان متواجدا في محال بيع التنانير الطينية، لـ"موقع فضائية كركوك"، "اتیت من منطقة خالة بازیاني وهي منطقة تقع على طريق كركوك- السليمانية الى ھنا لأشتري منقلة طينية لمعرفتي بمدى ازدهار هذه الصناعة في كركوك "
واوضح ان"صناعة التنانير والمناقل الطينية هي من الصناعات القدیمة والتراثیة ،حيث لاننسى في ايام النظام السابق كنا نلجأ الى التنور والمنقلة المصنوعان من الطين للطبخ واعداد الخبز في ظل غلاء الوقود او ربما انعدامه"لافتا الى ان"وعلى الرغم من امتلاكي تنورا غازيا الا اني احب طعم خبز تنور الطين ولا أكل غيره فهو لذيذ وطعم الشواء فيه ،الى جانب انه يذكرنا بحياتنا القروية البسيطة"
لا تحتاج عملیة بناء تنور الطین الى وسائل وامكانیات صعبة المنال وغیر متوفرة، اذا یتم بناءه من تحضیر الطین الذي یؤخذ من اكتاف الانھر "اي من الجرف" , لانھا تكون اطیانا حمراء تسمى "بالطین الحر" ويضاف الى مادة الطین "التبن " وكذلك الملح وتغطى بمادة النايلون لمدة 24 ساعة تقریبآ كي تتخمر وتتماسك الجزیئات مع بعضھا.وبعد هذه المرحلة يبدأ صانعوا تنانير الطين بمرحلة البناء،حیث یصنعون قاعدة دائریة الشكل وتعتبر هي الاساس ،ویتركونھا لفترة معینة لكي تجف وتتحجر.وبعدھا یبدون بالاجزاء الاخرى طولیآ وتتم العملیة من الاسفل الى الاعلى رویدآ رویدآ حيث تستغرق العملیة كاملة من 7 الى 10 أیام في فصل الصیف,اما في فصل الشتاء فتكون المدة اكثر من شھر لبناء تنور متكامل لشدة برودة الجو، وبعد البناء یترك لیجف في الھواء لعدة ایام ویتم تصفیة التنور بالشفرة الخاصة به والماء من الداخل والخارج، وبعدھا یتم مسحه بالماء المخلوط بالطين بواسطة قطعة خاصة من القماش لأعطاءه جمالیة اللون الطیني وهكذا يكون التنور جاهزا للاستخدام.
وبين صانع التنور الطيني ساور حسین(45 سنة) لـ"موقع فضائية كركوك"، ان"صناعة التنور الطيني ليست بسيطة فهي معقدة وتحتاج الى صبر لأنجازه لاسيما في ايام الشتاء حيث يحتاج التنور الطيني الى وقت اكبر ليجف وفي مواسم المطر نغطيه عدة ايام ليبقى جافا"
واضاف ان"اكثر زبائننا من محافظة بغداد وديالى واقليم كوردستان حيث الاقبال كبير جدا على شراءه من كركوك فجودته معروفة وسعره مناسب جدا، فضلا لما يضيفة من نكهة مميزة على الخبز والتي تعيدنا الى اصالة الماضي"
والى جانب التنور الطيني المعد لصناعة الخبز هناك انواعا اخرى من التنانير المخصصة لاغراض الطبخ ومنها تنورا خاصا لشوي السمك وتنورا اخرا لشوي الدجاج.
اما المواطن علي حسین من منطقة العمل الشعبي في كركوك والذي كان متواجدا في مكان صنع التنانير الطينية اكد لـ"موقع فضائية كركوك" انة جاء لشراء الطين الخاص بصناعة التنور ليصنعه بنفسة في بيته ،"انا اصنع التنور الطيني بنفسي فهو سهل الصنع ويحتاج الى خبرة بسيطة واجد نفسي امتلكها"
وتابع"انا وعائلتي نحب طعم خبز التنور فهو طعم اصيل ولذيذ وتستطيع سيدة المنزل ان تتفن في اعداده بأضافة السمسم والسكر او عمل الخبز عروق وذلك بأضافة  اللحم والخضار"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق